رقصة تانغو

هناك
وقفت ..
تدثّرت بلحن الحياة
تستميلها نوتة موسيقية
تصدح في سكون  نفسها
أفاق العمر على وجنتيها
دوائر الزمن  في معصميها
حملت بريق  الوجد ومشت
تغدق من روحها لوحة راقصة
احتفظت بها همسات حلم ذات مساء
موسيقى أشهى من الشغف
تذوب في الأثير
في نور النهار
تهيم بها الأماني
ويستريح الليل على يديها
مستسلما
متلذذا
بأنفاس بخور العشق
مستعذباً تقبيل لحنها
وها هو آت  ..
كسحابة شوق تفتح أبواب المطر
كقبيلة من العشاق تتلو صلوات القمر
يمسك بخصرها فتتمايل آلاف الآهات
ويختنق القلب بعبيره والنبضات
تنتحر الامكنة  ويتحرّر الزمن
هي الآن في كلّ مكان
وفي لا مكان ...
هي الآن  تخطّ خارطة الإنسان
هي الآن ترقص على أرصفة الكواكب
تتمايل بين ساحات الأكوان
هي الآن معه بعيداً عن كلّ ما كان
في عالم آخر لم تطأه قدم إنسان
ترقص فتحيا
ويحيا بروحها
روحان جمعتمها رقصة تانغو
فعاشا عمراً في لحظات
وبعدها..
فلينفهما النسيان

من أنا

أنا يا أناي  ..
بدأت من صفر التكوين
عرفت تاريخ الإنسان
ذقت الحب وذقت القسوة
عرفت الإنسانية مقيّدة بغلال الظالمين
عرفت أمجاد التاريخ وخيبات الشعوب
عرفت القتل بإسم الدين
شهدت صراعات السلطة ونفوذ المتسلّطين
عرفت وهميّة عالمنا ..
وفهمت ..
فهمت كيف يتمرّد القلب على نبض الحياة
وكيف تهيم الروح بحب الجسد وهو بعد جنين
لمست الأمومة طهراً .. بكلّ ألوان المحبة والحنين
أيقنت الكون بتناقضاته وازدواجيته
أيقتنه صرخة حياة وصلاة تائبين
وتعبت ...
تعبت من مشاهد الإجرام ..
من القتل والذبح ..من الشقاء والأنين
من الفقر والعوز والمذلّة ..
أرهقني سفر السنين
ربّي عد بي إلى عالمي
وحررني من الجسد السكين
عد بي أراقص الأحلام
على أرصفة الخلود
على شرفات الوجود
خلف اسوار اليقين
أتوق إلى حضن الله
إليك يا أرحم الراحمين
أما حان لنفسي بعد أن تستكين..
أنا يا أناي..
مخلوق بذاكرة ماسيّة
مررت بأجيال وأجيال ..
ولا زلت أنتظر ..  بصبر المؤمنين
أغرقت سفني الرياح
وأنطفأ مصباح الصباح
أقعدني المصير عن المسير
فساعديني يا أناي
خذيني ..
أخرجيني من دائرة الزمن
سئمت ملامحي تجاعيد المتعبين
أنا يا أناي ..لا شي سوى ..
خيال مبدع
ولحن أغنية حزين
فمن أنا يا أناي ومن أنتِ ؟
أفلا تجيبين ؟!

أغار أكتر

كل شيء تغير ..

فمذ أتيت ِ حبيبتي 

ومسّ حبكِ جذر روحي 

تقمصّني الجنون

ولامس الشغف  جروحي

وكل شيء تغيّر

ما عرفت قبلا كيف ترتوي الروح العطشى

ما عرفت قبلا كيف يذوب الحنين بالحنين

وكيف يشتعل الشوق على دروب الأنين

ما عرفت قبلكِ أني أغار 

أغار جداً
أغار أكتر
أختبئ وراء كلماتي
في صومعة الحياة
وعلى أجنحة النسور
أرسل للنور صلواتي
تركتُ روحي تستهوي القدر
ولملمتني تيهاً في مصابيح التحرّر
تركت الأشواك
تركت الحرائر
تركت أيامي على محراب السهر
وجئتكِ هنا
عند أطياف الخيال
نراقص وتر الوجود
تجذبنا غواية المطر
جئتكِ ..
بحراً ..
شمساً ..
ظلاً ..
ألماً ..
فرحاً ..
جئتك حباً لا يشبه سواه
وها أنا قربك
وما زلت حبيبتي
أغار جداً
أغار أكتر ..

صمت البدايات

لكلامك طعم آخر ...
كأنّ حروفك قد قُطفت من ثمار الجنة
لكلامك لون آخر ..
لون الحب الموشّح بنبض القلب وخيبات السنين
لكلامك صلاة أخرى
صلاة الروح وأنين العاشقين
لكلامك بُعد آخر ..
يفوق بُعد الآفاق والسماوات  والأزمنة
لكلامك عمق آخر..
يفوق عمق البحار والاحلام والآهات
لكلامك وقع آخر...
يفوق كلّ الكلام والمعاني
ولصمتك رهبة أخرى ..
ففي صمتك كلام
لا تشعر به الحروف
صمت يجعلني أحسّك
أكتبك قصيدة للحب في دمي
أرسمك لوحة للعشق في خيالي
أغنيك أنشودة للشوق في سهري
صمت يتقن البدايات
ويتركني تائهة بلا نهاية

وردة بنفسجيّة

حب شارد عبر الأثير
ومساحات من الزمن ..
قطرات شوق تتسلّل ندى
يداعب مسامات الروح
والقلب بات عاجزاً
عن مداواة الجروح
أيا أنت ..يا من تسرقني
من ذاتي وإلى ذاتي
يا من تنفيني إلى أعماقي
ثمّ تعود بي إلى واقع خيباتي
يا من أسمع نبضه أنيناً يحرقني
تأتيني من عالم آخر
لتحملني على صهوة الأحلام
تقول أني لحن أيامك المتعبة
وشمس روحك الحزينة
تقول أنني حورية العشق المقدّس
فأعشق البحار وتعشقها في عيوني
لحظاتنا تبدأ بالحب وتنتهي بالحب
وما تبقّى زمن ثرثرات فارغ
عصينا القدر ولبسنا رداء الجنون
لكنّه القدر نفسه جاء ليقتلنا
وينثر رفاتنا رماداً في صحراء العشق
فاعود وردة  بنفسجية عذراء
خُلقَت تعشق المطر
وتعود أنت  مطراً
يروي عطش الروح
بحبيبات من جنان الله
يجمعنا ضباب اللهفة
وترانيم السهر

بعفويّة ..

هكذا  .. بمنتهى العفوية
قال .. الموسيقى شغفي بها أتلمّس الكون
وأمتزج  بروحي السماويّة
قال .. الأحلام موطني ففيها ذاكرة الذات
ومعها أحيا بحريّة
قال .. الحزن صاحبي .. التقينا منذ الأزل
وكان رفيق السفر في كلّ رحلة أرضيّة
قال .. أرهقني صمتي .. فكيف أتيتِ يا أنتِ
وأتقنتِ غواية القدر ليشقّ القلب بسادّية
أهواكِ  ..؟ .ما عدت أدري ..
فمعكِ عرفت لما أحيا
معكِ عشقت العبوديّة
أنغامي صارت أهازيج ..ترنّم لأجل عينيكِ
وفي عينيك سينفونية
قال ..  لم أعرف قبلاً..  أنّ في الحب سجود
وتسابيح صلاة قدسيّة
إلى  أن أحببتكِ يا قمري
واشتعل  في القلب  صبري
نكّس رايات الزمنِ .. وعلت أصوات ثوريّة
أهواكِ ..؟ ما عدت أدري ..
أنفاسكِ  قد سكنت  صدري
كترتيلة وجد إلهيّة
قال ..لأجلكِ حرّرت شغفي
وانقلبت كلّ الأدوار
لحكاية حب جنونيّة
عندما أسألك تشكين
وتقولين بكلّ برود
أهواكَ ..؟ أنا لا أدري..
غريب هو حال الدنيا
اختلطت كلّ أوراقي
حروفي صارت عصافير
تفتّش عن زمن العشق
في قصيدة حبّ عفويّة

لعبة القدر

ها أنا أعلن انسحابي
فلتعتد منذ اليوم على غيابي
شهقة موت تتبعها شهقة حياة
هكذا هي النهايات تحمل في أطرافها بدايات
صرخة زمن على شفير الوجود
ما زالت تستنطق الأيام
لتعترف بما تخبئه من آلام وآثام
وها أنا  غارقة في الأعماق
أحمل أحلامي بكف من سراب
وسرعان ما تميل دفّة الميزان
إعصار صامت يسحبني إلى دوامته
لأجدني  على مقاعد الانتظار
أتساءل عن موعد رحلتي
فقد سئمت لعبتك أيّها القدر..

رحيق القلب

ألا تعرف بعد ...
تلك الرواية التّي يقصّها الكون على مسامع الفجر
تلك الرعشة الأولى التي تسري على شغاف الزهر
ذلك اللحن الجليل ..
ذلك الشوق المرير
حكاية مدّ وجزر..
ألم تفهم  بعد ..
ذاك الإحساس الذي يذيب موانئ السهر
وعيون لمّعها الخشوع تصلّي عند محراب القمر
ألم تسمع  بعد ..
تغاريد الروح تناجي  همسات القدر
تآويه الصمت  حين يقبّله الخفر
أيعقل ..! ؟ ألم تدرك بعد ..
الحب الذي ولد فينا وولدنا فيه
الحب الذي لامس المدى ..
جاور الأفلاك
تخطّى الآفاق
جعلني أحلّق على جفنات المطر
الحب الذي لأجله  سال رحيق القلب
يمسّد جفونه  العارية
يحميه من هفوات الضجر
ربّما ..
ربّما لم تأتِ بعد
يا حبيبي المنتظَر ..

في صمت الليل

أعود إلى منفاي
صديقي القلم
يذرف  الشوق دموعا
على أوراق الندم
ما عدت كما كنت
كلّ شيء فيك تغير
حتّى ملامح الزمن
كيف أعتاد العيش في الصحاري!؟
و أحتمل  صقيع الليالي!؟
وقد أسكر الألم أيامي
مزّق خارطة أحلامي
وألبسني ثوب الوهن
تعال ...
اقترب
استرح بين حروفي
تفيأ في ظل كلماتي
قبّل أبيات قصيدتي
تعال ..
فلم تبقِ مني حبيبي
سوى  حروف خرساء
وبسمة صفراء
سرق ألوانها الشجن
تعال ..
فما مات في القلب
تتلو صلاته  الروح
وفي صمت الليل اندفن

تانغو الغرام

يتلاشى القلق على أرصفة  التفاصيل
وأعيد لنسج الحروف نضارتها
بصوت الروح الصادح :
ما من مستحيل ..
ويتبارى شوق الفصول
لوصل ..
لحكاية ..
لانعتاق ..
لقدر .. حرَّرتُ جناحية
وأطلقته جزافا في فضاء روحي
لوشوشات  ثغر الخشوع
لليل متنسك يصلي لبزوغ فجر السكينة
لنور هنا وترتيلة حب وصفاء
لعينيك
لأجل روحي التي تحيا في حنايا روحك
لأجل الحب
سأغوص في صميم المتناقضات
ساعتنق الوهم  وأعلن ثورة الأحلام
وأخون مباديء الأرض وأستبيح تقاليدها الفارغة
لأجلك
سأرشي الزمن ليقصّر لحظات الانتظار
وأساوم الأحلام كي تبقيك في عيوني ليل نهار
سأسرق من لحن الوجود نغمات الفرح
وأرشها عبير حب على محيّاك
سأغتال التاريخ وأمحو الأساطير
لأعلنك سيد العصور وفارس الأبطال
سأمزّق قاموس العشق
لأعلن من عينيك لغة الحب
ومن همساتك ذخر العشاق
لترقص الأرواح
لحن تانغو الغرام
رقصة التحرر
لما بعد الوجود